tag:blogger.com,1999:blog-4395799694955896712024-03-14T01:26:22.473-07:00شيء من السرد Sanaa Cheddalhttp://www.blogger.com/profile/08311472394932776150noreply@blogger.comBlogger4125tag:blogger.com,1999:blog-439579969495589671.post-16033422209481390652012-09-06T09:54:00.003-07:002012-09-06T10:01:41.587-07:00<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" style="margin-right: 19.15pt; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="color: orange; font-size: x-large;">مرآة وجهي</span></span></b></div>
<div class="MsoNormal" style="margin-right: 19.15pt; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<b><span style="font-size: large;"><span style="font-family: "Times New Roman","serif";">– </span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT";">مقطع من المجموعة القصصية " أبي...ليس له انياب "</span></span></b>
</div>
<div class="MsoNormal" style="margin-right: 19.15pt; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<b style="background-color: #333333; color: #cccccc; font-family: Arial, Tahoma, Helvetica, FreeSans, sans-serif; font-size: 13px; line-height: 18px;"><span style="font-size: medium;"><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><br /></span></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<b style="background-color: #333333; color: #cccccc; font-family: Arial, Tahoma, Helvetica, FreeSans, sans-serif; line-height: 18px;"><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT'; font-size: large;"><br /></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="font-size: large;">قدري أن أخرج للعالم صباحًا. فتحت عيني على ضوء قوي.
الضوء الشارد لا يصيب بالعمى، الضوء الذي فتحت عيني عليه كان باردًا كضوء شمعة.
بعد ذلك لم أعد أذكر شيئًا. الشعور بالنعاس أمر عادي جدًا. أغمضت عيني ورحت في نوم
عميق...</span></span><br />
<a name='more'></a><span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="font-size: large;"><o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="font-size: large;">صورتي في المرآة تبدو وكأني أنا. مغبرة قليلاً. مسحت وجه
المرآة ونسيت مسح وجهي. تأملت صورتي في المرآة، وجهي صغير ونحيل وبشرة صفراء،
عيناي جاحظتان تحدقان فيّ. لا يحدث شيء. لا يتغير شيء. صمت. صمتي هو الآخر لن يغير
شيئًا، لأن الأشياء لا تتغير في سكونها حتى أنا. صعودي إلى السطح ونزولي منه إلى
التحت هو أيضًا سكون. أنا مثل جدران البيت، مثل السقف، مثل السلالم، مثل النوافذ
وأحيانًا كثيرة أصير مائدة أو كأسا وفي مرات عديدة جدًا أصير مرحاضًا يفرغ فيه أهل
البيت برازهم، ولم أتغير، بل لم أحاول يومًا استراق النظر من النافذة. صمت.</span></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="font-size: large;">علمتني مرآة المرحاض المشروخة أن أرسم وجهي وأن أتنفس.
علمتني أن أخيط الليل بالنهار. أخيط الفرحة بالوجع. أخيط السقف بالجدار. أخيط
الصراخ بالصمت. أخيط البرودة بالنسيان. أخيط البيت بالمزبلة. أخيط السطح بأبي.
أخيط النوافذ بالهواء. أخيط الشارع بأخي. أخي أتنفسه. أخي يرسم لي الشارع حلمًا.
حلمي لم يتحقق. سأعيد الخياطة مجددًا. أخيط الأرض بالرياح. أخيط الصباح بالموت.
أخيط أصابعي بالمطبخ. أخيط الزمن بالوقوف. أخيط أمي... بمَ أخيطها؟ أمي أتركها
معلقة بدون خيط. ثم أعود وأخيط الخيط بالإبرة. والألوان أتركها مفتوحة على بياض لا
أعرفه وسواد يغمرني حتى النخاع.<o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="font-size: large;">... أفتح النافذة. أصوات النافذة تغريني بالخروج. الباب
قفله صدئ. صرير الباب مخيف. ثورة أخرى قادمة. بصاق أبي يلطخ وجهي. صراخه لا أسمعه،
لأني ببساطة طرشاء. صدأ الباب قابل للانكسار وصرير الخوف قابل للترويض. لمَ لا
أشعل الثورة وأهرب؟ الثورة اشتعلت في بطني وانتهيت. سأفتح الباب. أفتح الباب
ويستيقظ الصرير، أو أطلب فتح الباب ويكسر وجهي بصفعة؟ أترنح، أهوي وأهرب. ويزحف
البيت ورائي. سأهربه هو الآخر معي إلى الشارع. الشارع كبير جدًا سيعلمني الركض. لن
أصعد ولن أهبط كما في البيت. سأركض طويلاً ولن أتوه أبدًا. الأزقة والدروب لن تكون
لها نهاية كالغرف. والوجوه الغريبة عني ستصير مألوفة كأصابع يدي. الخسارة تقع مرة
واحدة كما يرسم لي أخي. سأتعلم أنا أيضًا فلسفة الشارع، وسأصير أنا أيضًا بالونة
منتفخة، وسأنفجر؟ على الأقل لن أفعل كما يفعل أخي بسجائره تحت أدراج السلم، أو كما
يفعل أبي بكؤوسه من عرق جبين أمي. سأجعل لنفسي حياااا....ما أجمل كلمة حياتي. لم
أجرب يومًا أن ألبس حياتي. أتخيلها دائمًا كبيرة على مقاسي، المناكب عريضة جدًا
والأكمام طويلة جدًا والطول ليس له نهاية، أو ربما ضيق البيوت تجعلنا نحلم
بالشاسعة. ربما ستصير حياتي في الشارع على مقاسي، فأقفز هنا وهناك دون رهبة من
السقوط، وسأسرق قفل الباب والصرير المخيف أيضًا... إلى الشارع...<o:p></o:p></span></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';">اليوم السادس من الأسبوع الخامس. الثالثة صباحًا من
غياب أحمد. الساعة تدق وترغمني على العد الذي أكرهه. أعد دقات الثواني وأعد دقات
الدقائق وأعد دقات الساعات، الأولى تذكرني بغياب أحمد والثانية بثورة البيت والثالثة بانتفاخ بطني المقموعة تحت حزامي. مرت
ساعتان على الثالثة صباحًا. من أين سأبدأ العد الآن؟ هل بدءًا من الخروج إلى
الشارع أم بدءًا من الانتظار في البيت؟ بقيت دقائق على آذان الفجر. سيعود أبي من
صلاته في الحانة، يترك الباب مفتوحًا وستسرع أمي بإدارة القفل. أختبئ أنا قبلها من
وراء الباب. مع دخول أبي من الصلاة سأسرع أنا بالخروج للصلاة. صلاتي ستكون ركضًا
في الشارع العريض...ركضت طويلاً في الشارع دون توقف. الوقوف يتبعه قفل</span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic Transparent';"> الباب الذي ينتظرني. سأركض وأركض وأركض...</span></span></div>
</div>
Sanaa Cheddalhttp://www.blogger.com/profile/08311472394932776150noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-439579969495589671.post-60043896834224453242012-09-04T14:03:00.001-07:002012-09-06T10:03:12.381-07:00<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="color: orange; font-size: x-large;"><b>اثنان، أربعة...ستة</b></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-SA" style="font-family: "basit3 Bold"; font-size: 24.0pt; mso-ansi-language: EN-GB; mso-ascii-font-family: AXtAdvertisingLight; mso-hansi-font-family: AXtAdvertisingLight;"><span style="color: #e69138;"><br /></span></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">السيجارة تحترق على شفتيه وهو يحدثني على الهاتف، هذا ما
خمنته لأنه يدخن كثيرًا. أقول له دائمًا بأن يتوقف عن تلك العادة، وأحيانًا كنت
أعطي لنفسي الحق بسحبها من فمه وسحقها في منفضة السجائر، يبتسم، ثم يبدأ بحكي نكتة
طريفة ، نكته كلها كانت طريفة و بها نوع من الغرابة، أقول غرابة في طريقة حكيها
لي. أضحك. أضحك ولا أتوقف حتى أعي تفاهة النكتة، وأنا منهمكة بالضحك، يخرج سيجارة
أخرى ليهبها الاشتعال. أصمت. السيجارة عالمه الخاص الذي لا يمكنه التنازل عنه،
يحبطني في كل مرة أحاول الدخول إلى عالمها، سأتركه مع سيجارته. الحديث عن السيجارة
ليس مهمًا، المهم هو ما كان يحدثني به على الهاتف. اثنان وأربعة، أقصد الرقم أربعة
وعشرون.</span></div>
</div>
<a name='more'></a><div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">الرقم الأسطورة الذي يحمل كل شيء، الأحلام بتفاسيرها، المشاعر<span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-MA"><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-MA">بحرقتها، والحكايات بخرافاتها... هذا
ما كان يقول. فآمنت. علمني العد والانتظار على خفقات الأربعة والعشرين. لم
يكن ذلك مملاً أبدًا. كنت ألون لحظات الانتظار بالعد الذي يفضي إلى الرقم نفسه. أشرك اثنين بأربعة، أعد ساعات اليوم. أعد
الاثني عشرة للساعة الحائطية بالإثني عشرة لساعتي اليدوية ثم أعود. اثنان وأربعة
أعداد زوجية، هو وأنا. أنا اثنان وهو أربعة. اجتماع هو وأنا واحد أو اثنان في
واحد. كل هذا كان يقوله لي على الهاتف وأعيد صياغته على طريقتي في لحظات انتظاري
له يومًا بيوم، ساعة بساعة...<o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<span style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">اليوم الرابع والعشرون:<o:p></o:p></span></b><br />
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></b></div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">النهوض الباكر في هذا اليوم متعة. نهضت من الفراش
واتجهت مباشرة إلى الحمام. تقيأت كثيرًا ولم أفرغ شيئًا. كان ذلك بسبب العد
والمعادلات التي سهرت طوال ليلة الثالث والعشرين لأحل لغزها. هويت على أرض الحمام.
لا حركة. صمت. في القطار نمت طوال الطريق، أقصد توقفت عن العد. ساعتان فقط ونلتقي.
التقينا والسيجارة بفمه. ابتسمت. بداخلي كان كل شيء متوقفًا. كنت أتنفس فقط وأسمع
دقات قلبي الخفيفة. جسدي بارد. أحس بالبرد. سؤال واحد دار في رأسي، اليوم الرابع
والعشرون ثم... ثم ماذا بعد؟ أي رقم آخر سيتبعه؟ أمسك بيدي الباردة ليداعبها. يداه
دافئتان. قبل يدي. ابتسمت. ابتسم هو الآخر. أخرج سيجارة أخرى ليبث فيها الاشتعال.
راقبته وهو يجر نفسًا عميقًا ثم قال وهو ينظر إليّ: أريدك أن تكوني سيجارتي التي
لا تنطفئ. صمتت. راقني تعبيره كثيرًا وآلمني تشبيهه لي بالسيجارة. كتمتها في نفسي
لأني كنت أعرف بأن تعبيره هذا هو الحقيقة. تحدث عن أمور كثيرة. أنا لم أقل شيئًا.
لم أعقب. لم أتدخل. لا شيء. كنت بكماء. تابع حديثه: ما الذي دونته في كتابك الصغير
عن تفسير الأحلام؟ ابتسمت بصمت. لم أجب. ابتسمت فقط. بقي هو صامتا لبرهة ثم تابع:
قولي أنا أنتظر، أريد أن أسمعك الآن. فرت كل الكلمات من حلقي، لم أعد أملك
مفاتيحها. كنت أفكر بأشياء أكبر من الحديث، أغلب هذه الأشياء لم أكن أفهمها أو
أعيها. جسدي بارد. هو لم يلاحظ ذلك. كنت أحس به يتجول بنظراته في تقاطيع وجهي. أحس
بارتباكي. لاحظ ارتعاش يدي على طاولة المقهى. لثم يدي بكلتا يديه قبلها. ثم أخرج
سيجارة أخرى ليبثها غضبه المشتعل. تكلمت. تحدث كثيرًا ولم أقل شيئًا. أحس
بالاختناق. أشعر بالاختناق دائمًا حين يعاكسني لساني. هو لم يفهم ذلك. كان يحدق بي
طوال الوقت. قال اني أصبحت يومه الرابع والعشرين. ماذا آخر؟ لست أدري. في اللحظة
التي أخرج فيها سيجارة أخرى فكرت. في اللحظة التي أشعل فيها سيجارة أخرى فكرت.
السجن في يوم واحد من شهر واحد ومن سنة واحدة. دخلت سجن الرقم طواعية. نفث دخان
سيجارته عاليًا. لفني الدخان. أختنق. أنا. ببطء. هو ينتظر كلماتي. أنا فارغة.
نبضاتي الخفيفة تثاقلت. جسدي تحول إلى صقيع. بدأت أتهاوى من أعلى قمم أفكاري. لم
أعد قادرة على التركيز. الصور ازدادت ضبابية. لم أعد أسمع أو أرى شيئًا سوى صوت
زفيره وهو يلي تمايل دخان السيجارة. أطفأها في المنفضة. انطفأت أنا أيضًا. انتظر
أن أبدأ فلسفتي عن كتاب تفسير الأحلام. لم
أكن قادرة على الكلام، لأني ببساطة، كنت ميتة. وجثتي الملقاة على أرض الحمام تقر
ذلك. صعدت عاليًا حتى لم أعد قادرة على لمس جسدي. رقم واحد ظل يتردد في أرجاء
الحمام. اثنان وأربعة. اثنان هو وأنا. أربع هو وزوجته وطفلاه وأنا. اثنان للروح وللجسد.
أربعة؟... دقت الساعة الحائطية أربع دقات. أربع دقات معلنة موتي على أرضية الحمام
يوم السادس والعشرين من هذا الشهر.</span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">اليوم السادس والعشرون: <o:p></o:p></span></b></div>
<div style="text-align: right;">
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></b></div>
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">بعد ذلك اللقاء افترقنا. في الصباح الباكر ليوم السادس
والعشرين افترقنا. خرجت من باب الفندق وقلبي يخفق بألم. كتمت الدموع في عيني. لفني
الهواء البارد في الخارج. لم أحس بالبرد، كنت أشتعل، بل أغلي. عيناي كجمرتين
مشتعلتين متأهبتين للانهمار. أكره البكاء. حاولت كبح نفسي عن فعل ذلك. نسمات
الصباح الباردة كانت كافية لتطفئ اشتعال حرارة عيني. هكذا أحسن. انعطفت إلى اليمين
لأجد الشارع الرئيس أمامي والحديقة... البارحة توقفنا أنا وهو في الحديقة. غاص
قلبي واشتعلت عيناي من جديد. أشحت بنظري. ما أحتاجه الآن هو فنجان قهوة. دلفت إلى
باب المقهى بسرعة، صعدت أدراج السلم، كالعادة مكاني في الركن الشمالي من الصالة
ينتظرني كل صباح. لم يكن هناك أحد. لا، كان جالسًا هناك في الركن المقابل صحفي
معروف، ابتسمت. هو الآخر وفيٌ للمكان. دائمًا أجده في المكان نفسه وفي الوقت نفسه وأحيانًا أسبقه حين
أبكر بالمجيء، إلا أني دائمًا أغادر بعده، لأني أحب الاستمتاع بقهوة الصباح. هذا
اليوم سأغادر قبله. بدأت أكره المدينة التي أهدتني السعادة، سعادة اللحظات
المتقطعة. عدت إلى البيت، أحمل كل شيء، حتى الموت أحمله على أكفِّ أمينة. موسيقى
إديث بياف تصدح من هاتفي... هو. نبرة الصوت نفسها، الكلمات الملغومة بالشوق واللوعة ذاتها. أقف
باردة على الشرفة، أسمعه بتمعن وأرد عليه بكلمات محبطة. أحسب دائمًا كلماتي معه،
كلمة كلمة قبل النطق بها. وحين يقفل الخط، أشتاق إليه. هل لي الحق في الاشتياق؟ أو
حتى البوح بهذا الاشتياق؟ هل لي الحق بالاعتراف؟ لست أدري. هو لا يكف عن الاتصال
بي في اليوم خمس مرات. أصبحت صلاته، صلاة الأحاسيس الملتهبة، لا معنى لها، لكنها
تصل إلى أعماقي ولا أسمعها أتنفسها فقط بصمت. صمت.<o:p></o:p></span></div>
<div style="text-align: right;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: Verdana, sans-serif; font-size: large;">التقينا للمرة الخامسة. هذه المرة في مقهى غريب.
الغرابة ليست في المكان بل الغرابة في الإحساس الذي أحسسته وأنا ادخل ذلك المقهى
الحجري الذي يطل على البحر. جلس بقربي وهو يرتعش. أحسست بهذا. كان يرتعش من الداخل،
دخان سيجارته ونظراته تقول ذلك، وحتى لو كان العكس فأنا أريده أن يرتعش لا لشيء
سوى لأشعر بما كان يخالجني من ارتعاش في كل أنحاء جسدي. أمسك يدي وضمني إلى صدره
بعد أن سحق سيجارته في المنفضة. بطريقة ما كنت أنا من أسحق. قال إنه اشتاق إليّ،
وإنه يرغب فيّ دائمًا. قال أنا وردته الدافئة التي لا تنطفئ أبدًا. شعرت ببرد غريب
يلف أضلعي. قال لمَ أنا دائمًا صامتة لا أتكلم؟ لكني أتكلم طوال الوقت، نادرًا ما
أصمت. ألأنني أقول الكثير من الأشياء التافهة؟ قال إنه يريد سماع كلمات رقيقة تنعش
قلبه المريض. أخرج سيجارة أخرى وأشعلها. صمتت. فكرت بصمت. قلت، وكانت تلك أول مرة
أقول له فيها بأني أشتاق إليه دائمًا، في اليوم مليون مرة. صمتت. نفث دخانًا
كثيفًا مليئًا بالرغبة. ابتسم وعانقني هذه المرة بقوة أكبر. قال بأنه يحبني
ويريدني أن أبقى معه دائمًا. أطفأ السيجارة. كانت أول مرة يطفئ السيجارة في
منتصفها. ضغط يدي. فهمت. أردت الرد. كل الكلمات التي تسارعت إلى فمي أوقفتها. ليس
لي الحق في الرد. أنا أيضًا أحبك، قلت في نفسي،أحبك بكل ما أوتيت من قوة، لكن ليس
لي الحق في قولها... لن أقولها أبدًا. الوردة الدافئة لا تتكلم. تعبر بصمت. الجمال
والدفء يقولان كل شيء. خرجنا من المقهى. هذه المرة أصبح المكان أكثر غرابة من
اللحظة التي دخلت فيها إلى المقهى. افترقنا أمام باب العمارة حيث شقتي. ودعني وهو
محبط. أنا كنت ساهمة. العشيقة تصنيف ملغوم لا أحد يفهم كنهه. أن لا يكون لها الحق
بالإحساس، بالتعبير عن الإحساس بالاعتراض أو بالرفض، بالاشتياق أو باللمس أو
بالحب، بالاعتراف بالنشوة أو بالامتلاك أو بالغضب أو بالسؤال أو بالاتصال أو
بالخوف أو بالأمان أو بالغيرة... فكرت... ربما لن أكون سوى عاهرة من تصنيف آخر.
خائنة مسمومة لزوجة ترقد بسلام في بيتها. ليس باستطاعتي أن أكون إلا وردة دافئة
تعبق بعطر أنوثة أزلي ينتمي لزمن راكد، للحظة. للحظة فقط. لليوم الرابع والعشرين.</span></div>
</div>
Sanaa Cheddalhttp://www.blogger.com/profile/08311472394932776150noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-439579969495589671.post-72842437677143427602012-09-03T10:16:00.002-07:002012-09-03T10:22:57.918-07:00<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b style="font-family: 'Arabic11 BT'; font-size: xx-large; text-align: right;"><b><span style="color: #e69138;">سيجارة أحمد </span></b></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<b><span style="font-size: large;"><span style="font-family: "Times New Roman","serif";">– </span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT";">مقطع من المجموعة القصصية " أبي...ليس له انياب "</span></span></b><br />
<b><span style="font-size: large;"><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT";"><br /></span></span></b></div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">علمني أحمد الحب على ضوء شمعة وسيجارة من فمه. علمني كيف تصير برودة السطح ألوانًا زرقاء دافئة</span><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman","serif"; font-size: 18pt;"><span dir="LTR"></span>…</span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">هذا ما</span><span dir="LTR"></span><span lang="AR-MA" style="font-family: "Times New Roman","serif"; font-size: 18pt;"><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">علمني فآمنت.</span><br />
<a name='more'></a><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">أحمد يعتصر النبضات بداخلي كل مساء. أحمد علمني أغنية "الحب يأتي مساء" أحمد ينتشي وأنا أنتهي. و</span><span dir="LTR"></span><span lang="AR-MA" style="font-family: "Times New Roman","serif"; font-size: 18pt;"><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">الألوان؟ كل الألوان تتراقص، تلطخ عتمة أخرى قادمة وجسدي يتبع لهاثه بصمت آخر يذكرني بمرآة أمي. يبدأ فأنتهي، يصرخ فأصمت، يتلون فأتحول إلى عتمة. عتمة. درس الحساب نسيته والواجب الشهري تأخر عن الدفع. اختلاط الأيام والأرقام والشهور عملية مرعبة، لحظة... أكان البارحة خميسًا أم ثلاثاء؟ أظنه كان أحدًا. ثمانية وعشرون أم عشر أيام؟؟؟ لحظة... أربعة عشر، خمسة عشر، تسعة عشر، عشرون، واحد وعشرون، ثلاثة وعشرون، لا، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة خمسـ...هل يعني عشر أيام مرت؟؟؟ يا إلهي لمَ أجهل فنون الحساب؟ أحمد يلهث دون انقطاع وجسدي تعب من الطرق المتواصل المباح. الأزرق تحول إلى مقبرة وأنا هويت إلى القاع. عتمة. سأنزل إلى الأسفل. أبي استسلم إلى فشله أمام باب الحانة. أمي مازالت تدفن غيظها تحت أغنيتها الرديئة "زدني ألمًا كي أتنفس" أمي تتنفس وأنا ألوكه. تمسح عرق البيت برضوخ وتنتشي... ويضيق البيت. والبيت هوة سحيقة بدون قاع. أخي؟ أخي يشبه أبي كثيرًا. يخلط الألوان لينساها وينسانا. أخي أدمن الشارع وأقراص الفلسفة، وفلسفته نحر الزمن بسكين صدئة. أخي تحول إلى آلة تقتات جوع الشارع ليل نهار. السيجارة في فمه تنسيه صدع البيت. يدخل غرفته ويختفي في صمت. يرسم في سكونه شوارع وأزقة ممزقة. أخي يرسم لي متاهة. أدخلها فأصطدم بالجدار الأول. أدخلها فاصطدم بالجدار الثاني. أدخلها فأصطدم بالجدار الثالث المخنوق على عتبات البيت. وأنا؟ ممزقة أنا بين أوجاع جدران البيت والسطح. أخي لا يخبأ نعاس الصباح باغتيال النوم ليلاً. أخي لا ينام، يثرثر فقط. أخي ببغاء يكرر جملة واحدة: "بيتنا شرنقة ممزقة على عتبات اليأس". جملة أخي شهيرة بعمق الألوان وسوداوية السطح. جملته بئر عميقة لا يفهمه أحد. لن أفهمها أبدًا. يرددها ويبتسم لي في عتمة. يبتسم وهو يسرد آخر محاضرة تناولها على الشارع الرابع للذاكرة. فلسفة أخي لا تنتهي وعالمه الضيق لا يتسع أبدًا. يصرخ بأعلى صوته في سره. أسمعه وأتنفس الصعداء. أسمعه و</span><span dir="LTR"></span><span lang="AR-MA" style="font-family: "Times New Roman","serif"; font-size: 18pt;"><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">أتكور في جانب الغرفة المنزوي عن صورة أخي. الغرفة أوسع من صراخه الضيق. أخي جثة آدمية فارغة. أخي شبح، مزبلة، شارع، فراغ... كل شيء إلا أخي. أخي لا يقول شيئًا سوى الصراخ ولا ينطق بكلمة.</span></div>
</div>
Sanaa Cheddalhttp://www.blogger.com/profile/08311472394932776150noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-439579969495589671.post-60100916058456831502012-09-03T10:14:00.003-07:002012-09-03T10:23:30.595-07:00<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="color: #e69138; font-size: x-large;"><b>مرآة وجه أمي</b></span></span><br />
<span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><span style="color: #e69138; font-size: x-large;"><b><br /></b></span></span></div>
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<b><span lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 20pt;"> </span></b><span style="font-size: large;"><b><span dir="LTR">– </span></b><b><span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';">مقطع من المجموعة القصصية " أبي...ليس له انياب "</span></b></span><br />
<span style="font-size: large;"><b><span lang="AR-MA" style="font-family: 'Arabic11 BT';"><br /></span></b></span></div>
</div>
<div class="separator" dir="rtl" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQgbQKVkW3gp5q86Je1M2S8U_R5iQVi0TU5qV9XZ67KUWm5TKbdbOToEGy8f7TdliX3qNvSjPQAZaVA7d0NozBEygVTn-2hsuM4OVYtAr8RBMGLb6T5DVRgzlsYFxG9zwMa_2eqPvra9w/s1600/Nouvelle+image.JPG" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" height="295" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQgbQKVkW3gp5q86Je1M2S8U_R5iQVi0TU5qV9XZ67KUWm5TKbdbOToEGy8f7TdliX3qNvSjPQAZaVA7d0NozBEygVTn-2hsuM4OVYtAr8RBMGLb6T5DVRgzlsYFxG9zwMa_2eqPvra9w/s400/Nouvelle+image.JPG" width="400" /></a></div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin-right: 19.15pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<div style="text-align: right;">
<br />
<br /></div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">بلغت العشرين، قالت أمي: الرجال لا يشبهون أباك. الرجل ستر المرأة. هكذا علمتني فآمنت.</span><br />
<a name='more'></a><span dir="RTL" lang="AR-MA" style="font-family: "Arabic11 BT"; font-size: 18pt;">أبي لم يكف عن ضرب أمي، ولم يكف عن الصراخ. كبرت يومًا بعد يوم على نفس المشهد، طرحة الصباح وطرحة المساء، زعيق وصراخ وسبٌّ وشتم ورائحة الحانة هي نفسها. أمي صحراء قاحلة. أمي لم تكن صامتة، كانت تلعن في سرها وتبكي على صدري. أمي ألن تكفي عن البكاء؟ ألن تصرخي في وجهه؟ إنك تخنقينني. أمي تقول بأني لا أفهم شيئًا. أمي تسدُّ فمي بشهقتها المستسلمة. أمي جعلت مني خرقة بالية تجفف بها جراحها، تضغط على صدري كي لا أصرخ، وإن صرخت؟؟ لم أحاول يومًا. كنت فقط أسمع وأتفرج، ثم أدوِّن كل شيء على سطح البيت. أمي تقول: السطح بارد، انزلي وإلاّ ستمرضين. السطح دافئ أمي، أكثر من برودة البيت. سطح جيراننا الجدد لهيب يحرقني، عيون أحمد الذي في السطح تقتلني، ولفائف التبغ التي تحترق على شفتيه آاااه، لما هذا الشغف بالسطوح؟ هذا ما أنا عليه، وإن لم يرق لك الوضع فالشارع أعرض من هذا البيت، سمعت أبي يقول ذلك. علمت بأن فوضى أخرى قادمة، وليل طويل آخر لا ينتهي. أحمد جنون آخر، يعشق السطح والشمعة وحيائي. أحمد يقترب من سور السطح ليهمس لي بالكلام. أحمد يكتب الكلام فقط، ولا أسمعه. أبي يُكسِّرُ الأواني وأثاث البيت. أبي يُعيِّر أمي بالقحبة المتعفنة، ولأول مرة أمي تلوك شذرات من أغنية رديئة. أمي بدون كلمات وبدون لحن أيضًا. أحمد يقترب وقلبي يزداد خفقانًا. أحمد حطم السور وأشعل السيجارة الرابعة. أحمد بطلي أمي. أحمد قفز السور لأجلي. بطلي يجيد الرّقص والهمس والضّغط على الشفاه. أرجوك أبي أن تستمر في الغناء عاليًا كي أسمع همس أحمد. أصرخ عاليًا لأغتال السيجارة الرابعة لأحمد. أصرخ عاليًا لأنتشي من حلاوة شفتيه. أصرخ ليمسح أحمد البرد عن أضلعي. أصرخ عاليًا فحياة أخرى قادمة من صراخك. صمت. أبي صفع الباب. أبي حين يخرج يصفع الباب بقوة. الباب يستعرُّ من أبي. أمي لا تفعل. أمي تنثر ضحكاتها التائهة في البيت. تصمت، ثم تبدأ بلوك أغنيتها الرديئة من جديد. وأحمد؟؟؟ مع صفعة الباب طار أحمد. أنا وأحمد لم نكمل السيجارة الرابعة. عاد أحمد إلى سطح الجيران بصمت. نزلت. نزول السلالم عملية قاسية. وصوت أمي شرخ في وتر البيت. أمي تتجاهل الغضب في عيني دائمًا. أمي تتغابى بذكاء. أمي ثلاجة متعفنة. أمي طيف، شرخ، بقايا، أغنية، صنم، دموع، عاهة، خواااااء كل شيء إلاّ أمي. أمي عادة سيئة تعلمتها بالفطرة. أغضب، فتقول: أنت لا تفهمين يا بنت. بل أفهم. أمي، أريد مرآة امرأة لا تتكسر في وجهي، لم أجد وجهًا، أين وجهي؟؟ أين المرآة؟ أمي أرجوك، أريد فقط مرآة امرأة لأقابل حبيبي أحمد. </span></div>
</div>
Sanaa Cheddalhttp://www.blogger.com/profile/08311472394932776150noreply@blogger.com0